
افتتح معرض “عصمت داوستاشي ومقتنياته”، أمس بجاليري بيكاسو إيست بالتجمع الخامس، بحضور الفنان الدكتور إبراهيم غزالة والفنان فتحي عفيفي والفنان عادل ثروت والفنان مجدي أنور والفنان سمير عبد الغني، و غيرهم من التشكيليين والإعلاميين وبعض من الشخصيات العامة.
أعرب الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي عن سعادته بافتتاح معرضه الفني، مشيرًا إلى أن هذه المناسبة تحمل له قيمة خاصة، نظرًا لما يضمه المعرض من مقتنيات فنية نادرة لمجموعة من التشكيليين الذين أحبهم وتأثر بأعمالهم على مدار مشواره الفني.
كما أوضح أنه يقدم في هذا المعرض العديد من أعماله الخاصة، التي تمثل محطات مختلفة من رحلته الفنية الطويلة، حيث تعكس هذه الأعمال مراحل تطوره الإبداعي والتقني على مر السنين.
وأوضح داوستاشي أن أغلب الأعمال التي يعرضها تتضمن مجموعة من الرموز الفنية المتنوعة التي تحمل دلالات مختلفة، ويأتي في مقدمتها رمز الكف، الذي يعبر من وجهة نظره عن الإنسان وما يحمله من معانٍ إنسانية متأصلة. كما أضاف أن المعرض لا يقتصر فقط على هذا الرمز، بل يضم أيضًا العديد من الرموز المستوحاة من الطبيعة، مثل الطيور والثعابين والتماسيح، التي تحمل في حضورها أبعادًا رمزية وثقافية غنية، إذ كانت هذه الكائنات دائمًا جزءًا من الموروث الفني والتاريخي للبشرية. كذلك، يظهر في أعماله رمز السهم، الذي اعتبره عنصرًا بصريًا متجذرًا في التاريخ الإنساني، حيث رافق الإنسان منذ العصور القديمة وحتى وقتنا الحاضر، ليظل شاهدًا على التحولات الحضارية عبر الزمن.
أما عن فكرة تقديم الهرم في أعماله، فقد أشار داوستاشي إلى أنه يرى في الهرم رمزًا خالدًا لمصر ومكانتها الحضارية الفريدة بين دول العالم، ولهذا قرر أن يجمع في هذا العنصر المعماري الشامخ كافة الرموز الفرعونية القديمة، ليصبح الهرم بمثابة لوحة رمزية تحتضن تاريخ مصر وتراثها الفني والثقافي. ومن خلال هذه المعالجة الفنية، يسعى إلى إبراز عظمة الحضارة المصرية، التي لطالما كانت مصدر إلهام للفنانين والمبدعين على مر العصور.
ومن جانبه قال رضا بيكاسو، صاحب جاليري بيكاسو، ” إن منذ سنوات، كنت أتابع أعمال الفنان عصمت دواستاشي ووجدت نفسي أمام تجربة فنية تمتد عبر الزمن، و لمست عن قرب مدى عمق التجربة الإبداعية، سواء في الفن أو الكتابة أو حتى التوثيق التاريخي، فقد كان هذا الفنان واحدًا من أهم من كتب عن تاريخ الحركة الفنية، خاصة في مدينة الإسكندرية، وسلط الضوء على الفنانين الذين نشأوا فيها وأثروا المشهد التشكيلي”.
وأوضح رضا بيكاسو ، من هنا جاءت فكرة تقديم مجموعة من الأعمال الفنية ضمن معرض يعكس تطور هذه التجربة، وحرصنا على تقسيم المعرض إلى محاور مختلفة، حيث يعكس كل محور جانبًا مميزًا من رؤية الفنان، فعلي سبيل المثال، مجموعة “الحرب والسلام” التي تتناول الصراعات الإنسانية، إلى جانب مجموعة “الكهف” التي تعبر عن التأمل والعزلة، بالإضافة إلى مجموعة توثق الحياة اليومية والتفاعلات الاجتماعية، ومجموعة تستكشف مشاعر الحب والرومانسية بأسلوب فني راقٍ.
وتابع رضا بيكاسو، أن اهم ما يميز هذا الفنان هو رؤيته العميقة، فهو لا يتعامل مع الفن كوسيلة تعبير سطحية، بل يغوص في جوهر الفكرة، محاولًا تجسيدها بأقصى درجات الصدق الفني، عند مشاهدتك لأعماله، ستشعر أنها تنبض بالحياة وتعكس شخصيته الفريدة، حيث يسعى دائمًا إلى تقديم أعمال تتجاوز التقليدي والمألوف، ليصنع تجربة بصرية وفكرية متميزة.
وأكد رضا بيكاسو، انه في الحقيقة، يري أنه من أهم الفنانين المصريين المعاصرين، الذين حافظوا على مسيرتهم الإبداعية منذ سنوات طويلة، ولا يزالون يقدمون أعمالًا تحمل بصمة خاصة.
وفي السياق ذاته، قال عادل ثروت، أول مرة التقيت بالفنان، كنت أتابع حديثه وأحاول أن أفهم منطلقاته الجمالية والفلسفية في الحياة، مع مرور الوقت أدركت أن فكره الفني لا يتأثر بالمتغيرات السطحية التي قد يفرضها السوق أو التحولات الاقتصادية أو حتى التقلبات في حركة الفن.
وأوضح عادل ثروت على العكس، بدا لي وكأنه خط ممتد لم ينحرف يمينًا أو يسارًا، بل ظل ثابتًا على نهجه رغم كل التغيرات التي شهدها المجتمع من حوله.
وتابع عادل ثروت ما يميز هذا الفنان أنه مرتبط بشكل عميق بقضايا المجتمع، فهو لا ينفصل عن الواقع، بل يتفاعل معه بوعي شديد، لديه قدرة على فهم البشر والتجارب الإنسانية بمختلف أبعادها، وينعكس ذلك بوضوح في أسلوبه الفني. دائمًا ما كنت أرى في أعماله تجربة مركبة، لا تقتصر على الشكل، بل تمتد إلى الفكرة والمحتوى. وهذا ما يجعل معرضه تجربة فريدة؛ إذ نجد فيه أعمالًا تحمل بعدًا فكريًا وجماليًا راقيًا، فتجمع بين القيمة الفنية والرسالة العميقة.
ولفت عادل ثروت الي أن من أجمل ما يقدمه هذا المعرض أنك ستجد أعمالًا لكبار الفنانين مثل محمد ناجي، محمود موسى، حليم الخادم وغيرهم، ما يخلق حوارًا فنيًا بين الأجيال، ويعكس احترامه العميق لقيمة الفن والتاريخ التشكيلي. فهو لا يسعى لمجاراة الحركات السريعة أو التغيرات العشوائية في التشكيل العالمي، بل يظل ثابتًا على رؤيته الخاصة.
وأكد عادل ثروت، إن فلسفته تقوم على التطوير المستمر لفكرة محورية ظل يعمل عليها طوال حياته، فهو لا يكرر نفسه، لكنه في الوقت ذاته يحافظ على جوهر تجربته، هذه التجربة، في رأيي، تدور حول تحقيق رؤيته الفنية الحقيقية دون التأثر بالموجات العابرة. إنه فنان يؤمن بأن الإبداع الصادق هو الذي يترك أثره، لا على الآخرين فحسب، بل على الفنان نفسه أولًا، وهذا ما يجعله تجربة فريدة تستحق التقدير.